
كتب :خالد تامر
خطوة لحماية حقوق العمال وضمان التوازن مع أصحاب العمل
أصدر معالي وزير العمل محمد جبران، القرار الوزاري رقم 187 لسنة 2025، والذي يُعتبر واحدًا من أهم القرارات التنظيمية المرتبطة بقانون العمل الجديد الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 2025. ويهدف هذا القرار إلى وضع آليات وضوابط واضحة لاعتماد الاستقالات العمالية من خلال مكاتب العمل المنتشرة في مختلف المحافظات، بما يحقق التوازن بين حقوق العمال والتزامات أصحاب العمل.








القرار الجديد جاء استجابة لمطالب العديد من العاملين والمهتمين بالشأن العمالي بضرورة وضع ضوابط تضمن حماية حقوق العمال، وتمنع أي استغلال أو تجاوزات قد تحدث عند تقديم الاستقالة أو إنهاء علاقة العمل.
المادة الأولى: تقديم الاستقالة من خلال مكاتب العمل
أكدت المادة الأولى أن العامل له الحق في تقديم استقالته مكتوبة إلى جهة عمله، بشرط أن تكون موقعة من العامل شخصيًا أو من وكيله الخاص، وأن يتم اعتمادها من أحد مكاتب علاقات العمل التابعة لمديريات العمل في المحافظات.
ويشترط أن يتم تقديم الاستقالة في المكتب الواقع في دائرة اختصاص المنشأة أو أحد فروعها، ليتم قيدها برقم مسلسل في السجل الإلكتروني أو الورقي المعد لذلك، واعتمادها بخاتم المكتب، مع إثبات تاريخ الاعتماد ورقم المسلسل على الاستقالة.
وتُسلم نسخة من الاستقالة المعتمدة للعامل نفسه، وهو ما يضمن وجود مستند رسمي بين يديه يمكنه استخدامه في أي نزاعات قانونية لاحقة.
مثال واقعي
عامل يعمل في مصنع للملابس قرر الاستقالة بعد خمس سنوات خدمة. بمجرد أن قدّم استقالته لمكتب العمل، حصل على نسخة مختومة ومعتمدة، مما حماه من أي محاولة من صاحب العمل لإنكار استقالته أو المماطلة في تسوية حقوقه.
المادة الثانية: ختم مكتب علاقات العمل أساس الاعتماد
بحسب نص المادة الثانية، فإن الخاتم الرسمي لمكتب علاقات العمل يُعتبر المرجع الوحيد والنهائي في اعتماد الاستقالة أمام جهة العمل وأمام المعاملات الرسمية الأخرى.
كما أجاز القرار للعامل، إذا رغب، أن يطلب اعتماد الاستقالة بخاتم شعار الجمهورية ليكون أكثر قوة في الإجراءات الحكومية أو القضائية.
هذا النص يهدف إلى إغلاق أي باب للشك أو النزاع حول صحة الاستقالة أو تزويرها، حيث لم يعد يكفي توقيع العامل وحده، بل لابد من ختم مكتب العمل.
المادة الثالثة: التحقق من الهوية والبيانات
جاءت المادة الثالثة لتؤكد على أهمية التحقق من شخصية مقدم الاستقالة عبر بطاقة الرقم القومي، والتأكد من أن الاستقالة تحمل بيانات جهة العمل كاملة، وبيانات العامل، وتوقيعه الشخصي أو توقيع وكيله الخاص، وفي حالة وجود وكيل يجب إدراج بيانات التوكيل في السجلات الرسمية.
ومن أبرز ما جاء في هذه المادة هو منع صاحب العمل أو أي ممثل عنه من تقديم الاستقالة بالنيابة عن العامل، لضمان أن القرار صدر عن إرادة العامل نفسه فقط.
مثال توضيحي
في إحدى الشركات الخاصة، حاول مدير الموارد البشرية تقديم استقالة لعامل غاب لفترة طويلة، إلا أن القرار الجديد يمنع هذا التصرف تمامًا، ويُلزم أن تكون الاستقالة بإرادة العامل وحده.
المادة الرابعة: خدمة العامل لا تنتهي إلا بقبول الاستقالة أو بعد 10 أيام
تنص المادة الرابعة على أن خدمة العامل لا تنتهي بمجرد تقديم الاستقالة، بل لا بد من قبولها من صاحب العمل أو انقضاء عشرة أيام من تاريخ تقديمها، أيهما أقرب.
كما يُلزم القرار العامل بالاستمرار في عمله حتى يبت صاحب العمل في استقالته أو تمر المدة القانونية.
هذا النص يحمي صاحب العمل من أي فراغ مفاجئ في العمل، وفي الوقت نفسه يمنح العامل اليقين بأن استقالته لن تُرفض تعسفًا، بل ستُعتبر مقبولة بقوة القانون بعد المدة المقررة.
المادة الخامسة: حق العدول عن الاستقالة
منحت المادة الخامسة ميزة مهمة للعامل، وهي إمكانية العدول عن الاستقالة خلال عشرة أيام من تاريخ إخطار صاحب العمل بقبولها.
ويشترط أن يكون هذا العدول مكتوبًا ومعتمدًا من مكتب علاقات العمل نفسه الذي صدّق على الاستقالة.
هذا يضمن للعامل حرية أكبر في مراجعة قراره، خاصة إذا تغيرت الظروف أو تم التوصل إلى اتفاق جديد مع صاحب العمل.
المادة السادسة: اتفاق التراضي لا يخضع للضوابط السابقة
أوضحت المادة السادسة أن هذه الضوابط لا تسري في حالة اتفاق طرفي علاقة العمل على إنهاء العقد بالتراضي، سواء كان العقد محدد المدة أو غير محدد.
وفي هذه الحالة يتم تحرير اتفاق يسمى “تحلل أو تقايل”، يتضمن إقرارًا بأن العامل قد حصل على جميع مستحقاته المالية.
هذا النص يُسهّل على العامل وصاحب العمل إنهاء العلاقة بشكل ودي دون الدخول في تعقيدات، شرط أن تكون الحقوق محفوظة ومثبتة كتابيًا.
المادة السابعة: الإرادة الحرة أساس العلاقة
شددت المادة السابعة على ضرورة أن تتم الاستقالة أو الاتفاق بالتراضي بإرادة العامل الحرة دون أي نوع من الإكراه أو الضغط، وألزمت صاحب العمل بتسوية جميع حقوق العامل المالية.
بهذا النص يضع القرار حاجزًا أمام أي محاولات لإجبار العامل على الاستقالة، أو إجباره على توقيع أوراق مخالفة لرغبته.
المادة الثامنة: شهادة الخبرة وإخلاء الطرف
ألزمت المادة الثامنة صاحب العمل بمنح العامل عند انتهاء خدمته شهادة خبرة تتضمن تاريخ التحاقه بالعمل، وتاريخ انتهائه، ونوع العمل الذي كان يؤديه، والمزايا التي حصل عليها.
كما يجوز للعامل أن يطلب إدراج الأجر الذي كان يتقاضاه وسبب انتهاء العلاقة في الشهادة.
ويلتزم صاحب العمل أيضًا بإعادة جميع الأوراق والشهادات والأدوات التي أودعها العامل لديه، مع منحه ما يفيد إخلاء طرفه خلال فترة لا تتجاوز خمسة عشر يومًا من تاريخ الطلب.
أهمية هذه المادة
الكثير من العمال كانوا يعانون سابقًا من مماطلة أصحاب العمل في تسليم أوراقهم أو شهادات خبراتهم، مما يعطلهم عن الحصول على فرص عمل جديدة. القرار الجديد وضع التزامًا قانونيًا محدد المدة لحماية العامل من هذا التعسف.
المادة التاسعة: بدء التنفيذ وإلغاء ما يخالف القرار
اختتم القرار بالمادة التاسعة التي نصت على سريان أحكامه اعتبارًا من تاريخ صدوره في 14 سبتمبر 2025، مع إلغاء أي نص أو حكم سابق يتعارض مع مضمونه. كما ألزم القرار الجهات المختصة بتنفيذه كل فيما يخصه.