كتب:خالد محمود

مع بداية العام الدراسي الجديد 2025/2026، الذي انطلق رسميًّا يوم السبت الماضي، كثّفت وزارة التربية والتعليم والإدارات التعليمية في مختلف المحافظات استعداداتها لضمان عام دراسي منضبط وفعّال، حيث تأتي متابعة المسؤولين ميدانيًا كجزء أساسي من منظومة الانضباط والشفافية. وفي هذا السياق، قام اللواء طيار أ.ح أكرم محمد جلال، محافظ الإسماعيلية، بجولة موسعة شملت عددًا من مدارس مدينة الإسماعيلية، لمتابعة انتظام العملية التعليمية تزامنًا مع اكتمال الصفوف الدراسية في مختلف المراحل التعليمية.

أهمية الجولة الميدانية

تأتي هذه الجولة في إطار حرص الدولة على ضمان جودة التعليم والارتقاء بالعملية التربوية. فوجود المحافظ على أرض الواقع بين الطلاب والمعلمين يحمل دلالات مهمة، أبرزها تعزيز الرقابة والمتابعة المباشرة على المدارس، رفع الروح المعنوية لدى الطلاب والمعلمين بوجود المسؤولين إلى جانبهم، والوقوف على التحديات اليومية التي تواجه المدارس والعمل على حلها بشكل عاجل. وأكد المحافظ أن العملية التعليمية لا تقتصر فقط على وجود الطلاب داخل الفصول، وإنما تشمل أيضًا توفير بيئة نظيفة، منظمة، ومحفزة على التعلم.

تفاصيل الجولة

رافق المحافظ خلال الزيارة الدكتور أيمن موسى، وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسماعيلية، إلى جانب عدد من القيادات التنفيذية ومديري الإدارات التعليمية. بدأت الجولة بمدرسة طه حسين الإعدادية بنين، حيث تفقد المحافظ انتظام الحصص الدراسية ومتابعة تسليم الكتب، كما تفقد الأنشطة التربوية التي بدأت بالفعل مع أول أيام العام الدراسي. ثم توجه إلى مدرسة الشهيد محمد حسن حسنين الثانوية بنات التابعة لإدارة جنوب الإسماعيلية التعليمية، حيث استمع إلى شرح من المعلمات عن الاستعدادات لامتحانات الصفوف العليا، واطمأن على استلام الطالبات للكتب المدرسية في وقتها. انتقلت الجولة بعد ذلك إلى إدارة شمال الإسماعيلية التعليمية، حيث زار المحافظ مدرسة الشهيد جواد حسني الابتدائية المشتركة، ولاحظ التزام التلاميذ بالزي المدرسي وحضورهم المبكر. كما تابع الفصول الخاصة بالتعليم الأساسي في مدرسة السلام الرسمية للغات، وأشاد بالمستوى التنظيمي داخلها. واختتم المحافظ جولته بزيارة مدرسة الفاروق عمر الثانوية العسكرية بنين، التابعة لإدارة شمال الإسماعيلية التعليمية بنطاق حي ثالث، حيث أجرى حوارًا مفتوحًا مع مجموعة من الطلاب حول أهمية الالتزام بالدراسة والمشاركة في الأنشطة المختلفة.

رسائل المحافظ للطلاب والمعلمين

قدم اللواء أكرم جلال التهنئة للطلاب والمعلمين والعاملين بمناسبة العام الدراسي الجديد، مؤكدًا أن البداية القوية منذ اليوم الأول تمثل عاملًا مهمًا في نجاح العملية التعليمية. وقال المحافظ: “لا تقوم أمة بدون تعليم جيد، فالتعليم هو الاستثمار الحقيقي الذي تراهن عليه الدولة لإعداد أجيال قادرة على قيادة المستقبل”. وأضاف أن الدولة تنفق مليارات الجنيهات سنويًا على التعليم من أجل إعداد خريج صالح وفعّال، موضحًا أن هذا الاستثمار لن يثمر ما لم يلتزم الطلاب بالانتظام في الحضور والمثابرة في الدراسة. وشدد على أن الغياب غير مسموح، وأن الالتزام بالانتظام حق للطالب وواجب عليه في الوقت نفسه.

الانضباط داخل المدارس

أولى المحافظ اهتمامًا خاصًا بانضباط العملية التعليمية، حيث شدد على ضرورة انتظام الفصول الدراسية منذ اليوم الأول، وعدم السماح بأي حالة من الفوضى أو التأخير. كما لفت إلى أهمية الاهتمام بنظافة المدارس من الداخل والخارج، بما يشمل ساحات اللعب، الفصول الدراسية، وترتيب مقاعد التلاميذ (الديسكات) بشكل منظم يتيح بيئة تعليمية صحية. وأكد المحافظ أن الانضباط ليس غاية في حد ذاته، وإنما وسيلة لتحقيق التعلم الفعّال. فالطالب المنضبط يحترم الوقت والتعليمات، ويكتسب مهارات التعاون والالتزام التي تفيده طوال حياته.

الأنشطة التربوية ودورها في بناء الشخصية

حرص المحافظ خلال جولته على التأكيد على أهمية ممارسة الأنشطة الطلابية منذ اليوم الأول، معتبرًا أن الأنشطة التربوية والفنية والرياضية تمثل جانبًا مكملًا للتعليم الأكاديمي. وأوضح أن هذه الأنشطة تساعد على تنمية مهارات الطلاب وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، كما تتيح لهم فرصًا لاكتشاف مواهبهم وتوجيهها بالشكل الصحيح. وشدد المحافظ على أن المدرسة ليست مكانًا للتلقين فقط، بل هي مؤسسة متكاملة تسهم في بناء شخصية الطالب وغرس حب الوطن والانتماء في نفوس التلاميذ منذ الصغر.

تحسين البيئة المدرسية

وجه المحافظ الوحدات المحلية بالاستمرار في تحسين مستوى النظافة ورفع الإشغالات في محيط كافة المدارس بالمحافظة، مشيرًا إلى أن النظافة تمثل عنصرًا أساسيًا في البيئة التعليمية الصحية. كما شدد على ضرورة الاهتمام بالمساحات الخضراء داخل وخارج المدارس، بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم، لتوفير بيئة جاذبة للتعلم. وأكد أن توفير بيئة مدرسية نظيفة وآمنة ينعكس بشكل مباشر على تحصيل الطلاب وتركيزهم داخل الفصول، وهو ما تسعى الدولة إلى تحقيقه كجزء من منظومة تطوير التعليم.

متابعة تسليم الكتب ونظام البكالوريا

حرص المحافظ خلال جولته على التأكد من تسليم الكتب المدرسية لجميع التلاميذ منذ اليوم الأول، مشددًا على أن انتظام العملية التعليمية يبدأ بتوفير الأدوات الأساسية للتعلم. كما تابع مدى وضوح وفهم الطلاب لنظام “البكالوريا”، الذي يمثل نقلة نوعية في أساليب التقييم والتعلم. وأكد المحافظ أن متابعة هذه التفاصيل الصغيرة تعد جزءًا لا يتجزأ من ضمان نجاح المنظومة التعليمية، مشيرًا إلى أن التعليم لا يحتمل التأجيل أو الفوضى.

حوار مع المعلمين

لم يقتصر اهتمام المحافظ على متابعة أوضاع الطلاب، بل أجرى أيضًا حوارات مباشرة مع المعلمين لمناقشة الموقف التعليمي في مدارسهم. وأشاد بانخفاض الكثافة الطلابية داخل الفصول مقارنة بالأعوام السابقة، معتبرًا أن هذا التطور يتيح للمعلم فرصة أكبر للتفاعل مع الطلاب ومراعاة الفروق الفردية بينهم. وأكد المحافظ على دعم الدولة الكامل للمعلمين، مشيرًا إلى أنهم يمثلون العمود الفقري للعملية التعليمية، وأن نجاح أي خطة تطوير يعتمد بشكل أساسي على قدرتهم على تنفيذها بفاعلية.

رسالة إلى أولياء الأمور

وجه المحافظ رسالة مباشرة إلى أولياء الأمور، دعاهم فيها إلى التعاون الكامل مع المدارس والحرص على متابعة أبنائهم. وقال: “الدولة تتحمل تكاليف كبيرة من أجل تعليم الأبناء، ومن حقها أن تجني ثمار هذا الاستثمار بخريج صالح يفيد المجتمع”. وأضاف أن دور الأسرة لا يقل أهمية عن دور المدرسة، مشيرًا إلى أن متابعة ولي الأمر لحضور ابنه وانتظامه في الدراسة يمثل الضمانة الأولى لنجاح العملية التعليمية.

التعليم كركيزة للتنمية

أكد المحافظ أن التعليم هو الأساس الذي تُبنى عليه التنمية في أي مجتمع، مشيرًا إلى أن الدول التي حققت نهضة اقتصادية واجتماعية كبرى اعتمدت أولًا على بناء نظام تعليمي قوي. وقال: “التعليم ليس رفاهية، بل هو قضية أمن قومي، ولا يمكن لأي أمة أن تنهض ما لم تستثمر في تعليم أبنائها بشكل جاد”.

خاتمة الجولة

في ختام جولته، أعرب المحافظ عن رضاه عن مستوى الاستعدادات داخل المدارس، مؤكدًا أنه سيواصل جولاته الميدانية خلال الفترة المقبلة لضمان انتظام العملية التعليمية في جميع مدارس المحافظة. وأشاد بروح التعاون بين القيادات التنفيذية والتعليمية في الإسماعيلية، معتبرًا أن هذا التعاون هو الضامن الأساسي لنجاح العام الدراسي. واختتم المحافظ تصريحاته قائلًا: “لا تقوم أمة بدون تعليم جيد، ونحن جميعًا مسؤولون عن غرس قيم الانضباط والاجتهاد في نفوس طلابنا، لنصنع منهم جيلًا قادرًا على مواجهة تحديات المستقبل”.