
كتب:خالد تامر
حسام هيبة: ثقة المستثمرين في السوق المحلي تتعزز.. والقطاع يستحوذ على 76% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة
أكد حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن قطاع التشييد والبناء في مصر يواصل تحقيق قفزات نوعية خلال السنوات الأخيرة، مدفوعًا بالطلب المتزايد على الوحدات السكنية والتجارية، فضلًا عن المشروعات القومية الضخمة التي تنفذها الدولة في مختلف المحافظات.
وأوضح هيبة أن عدد الشركات الجديدة التي تم تأسيسها في قطاع التشييد والبناء خلال عام 2024 بلغ 2,856 شركة، مقارنةً بـ 2,375 شركة في عام 2023، بنسبة نمو تصل إلى 20%، وهو ما يعكس قوة القطاع العقاري وثقة المستثمرين في السوق المصري، سواء من المستثمرين المحليين أو الأجانب.


القطاع العقاري.. قاطرة الاستثمار والتنمية
يُعتبر قطاع التشييد والبناء من أكثر القطاعات الاقتصادية ديناميكية في مصر، حيث لا يقتصر دوره على كونه قطاعًا استثماريًا فقط، بل يمتد تأثيره إلى عشرات الصناعات المرتبطة به مثل الأسمنت، الحديد، السيراميك، الأثاث، والمواد العازلة. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز 16%، ما يجعله ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني.
وتأتي الزيادة الكبيرة في تأسيس الشركات الجديدة لتؤكد أن السوق العقاري المصري لا يزال يتمتع بجاذبية عالية، خاصة مع تنوع أنماط الاستثمار بين الإسكان الفاخر والمتوسط، والمشروعات التجارية والإدارية، فضلًا عن المناطق السياحية والعمرانية الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة.
الاستثمارات الأجنبية المباشرة.. القطاع العقاري في الصدارة
كشف هيبة أن القطاع الإنشائي استحوذ على النصيب الأكبر من صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي 2023/2024، حيث بلغت نسبة مساهمته 76% بإجمالي 35.756 مليار دولار.
وأشار إلى أن هذا الارتفاع الكبير جاء مدفوعًا بعدة عوامل، أبرزها صفقة رأس الحكمة، التي اعتُبرت واحدة من أكبر صفقات الاستثمار العقاري في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، حيث جذبت أنظار المستثمرين الدوليين إلى السوق المصري بوصفه سوقًا واعدًا يتمتع بفرص نمو ضخمة على المدى الطويل.
مؤتمر “The Investor.. Real Estate” منصة للحوار
جاءت تصريحات هيبة خلال مشاركته في النسخة الثالثة من مؤتمر “The Investor.. Real Estate”، والذي عُقد تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وبالتعاون مع غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات.
المؤتمر هذا العام جاء تحت عنوان: “مستقبل العقار.. التحديات والحلول والسوق البديل”، حيث ناقش الخبراء ورجال الأعمال والمطورون العقاريون مستقبل القطاع، واستعرضوا التحديات المرتبطة بالتمويل، وارتفاع أسعار مواد البناء، وآليات الحفاظ على النمو المستدام في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية.
أبعاد اقتصادية متعددة للنمو العقاري
ارتفاع عدد الشركات الجديدة في قطاع التشييد والبناء ليس مجرد مؤشر رقمي، بل يحمل في طياته دلالات اقتصادية عميقة، منها:
- توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة: قطاع البناء يوظف ملايين العمال والفنيين والمهندسين.
- تحفيز الصناعات المغذية: مثل الأسمنت، الحديد، الزجاج، والأثاث.
- جذب استثمارات أجنبية طويلة الأمد: حيث يفضل المستثمرون ضخ أموالهم في أصول ملموسة ذات عوائد مستقرة مثل العقارات.
- دعم الصادرات غير المباشرة: عبر الترويج للسياحة العقارية واستقطاب الأجانب لشراء وحدات سكنية أو استثمارية في مصر.
ثقة المستثمرين.. كلمة السر
يرى محللون أن الثقة المتزايدة للمستثمرين المحليين والأجانب في القطاع العقاري المصري ترجع إلى عدة عوامل:
- الاستقرار السياسي والأمني الذي يعزز جاذبية مصر كوجهة استثمارية.
- الإصلاحات التشريعية مثل قانون الاستثمار الموحد وتسهيل إجراءات تأسيس الشركات.
- المشروعات القومية العملاقة التي خلقت طلبًا هائلًا على الإنشاءات.
- تنوع فرص الاستثمار بين السكني، التجاري، الصناعي، والسياحي.
- العائد المرتفع نسبيًا مقارنة بأسواق إقليمية ودولية أخرى.
التحديات أمام القطاع العقاري
رغم النمو اللافت، لا يخلو القطاع من التحديات، والتي نوقشت خلال جلسات مؤتمر “The Investor.. Real Estate”، ومنها:
- ارتفاع أسعار مواد البناء عالميًا نتيجة الاضطرابات الاقتصادية الدولية.
- تذبذب أسعار صرف العملات وتأثيرها على تكلفة المشروعات.
- الحاجة لتطوير آليات التمويل العقاري لزيادة القدرة الشرائية للمواطنين.
- أهمية التوسع في المدن الجديدة لتخفيف الضغط عن المناطق التقليدية.
القطاع العقاري ورؤية مصر 2030
يأتي هذا النمو في القطاع متسقًا مع رؤية مصر 2030، التي تعتبر التنمية العمرانية المستدامة إحدى ركائزها الأساسية. وتهدف الدولة إلى مضاعفة الرقعة المعمورة لتصل إلى 14% من مساحة مصر بحلول عام 2050، من خلال مشروعات مدن الجيل الرابع، والطرق القومية، وتوسيع البنية التحتية.
إن تأسيس 2,856 شركة جديدة في قطاع التشييد والبناء خلال عام واحد يعكس حيوية السوق المصري وقدرته على جذب المزيد من الاستثمارات، فضلًا عن دوره المحوري في قيادة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة. ومع استمرار الدعم الحكومي، وتنامي ثقة المستثمرين، وتزايد الطلب على العقارات، يبدو أن القطاع العقاري المصري مقبل على مرحلة جديدة من النمو النوعي، رغم التحديات التي قد تواجهه.