كتب:خالد تامر
لقاء وزاري لتعزيز التعاون المشترك
استقبل الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي نظيره السوداني الدكتور أحمد مضوي موسى والوفد المرافق له في مقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين مصر والسودان في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا. ويأتي هذا اللقاء في إطار العلاقات التاريخية بين البلدين وحرص القيادة السياسية في مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي على مد جسور التعاون ودعم الطلاب السودانيين في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها جمهورية السودان الشقيقة.
دعم كامل للطلاب السودانيين
أكد وزير التعليم العالي المصري في بداية اللقاء على عمق الروابط الأخوية بين الشعبين مشيراً إلى أن التعليم والبحث العلمي يمثلان ركيزة أساسية لتوطيد هذه الروابط وتعزيز فرص التنمية المشتركة. وأضاف أن الوزارة تولي اهتماماً خاصاً بالطلاب السودانيين وتحرص على تيسير إجراءات التحاقهم بالجامعات المصرية بما يحافظ على مستقبلهم الدراسي وينسجم مع القواعد المنظمة المعمول بها في الجامعات.

برامج تنفيذية وشراكات بين الجامعات
شهد اللقاء مناقشة تجديد البرنامج التنفيذي بين البلدين بما يسهم في زيادة فرص التعاون وتفعيل آليات التكامل بين الجامعات المصرية والسودانية في المجالات التعليمية والبحثية. كما تناولت المباحثات إمكانية تيسير تحويل الطلاب السودانيين من جامعاتهم إلى الجامعات المصرية لاستكمال دراستهم سواء في مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا، إضافة إلى توفير فرص تدريبية متخصصة لهم وزيادة أعداد المنح الدراسية المتبادلة وتفعيل برامج التبادل الأكاديمي بين الأساتذة والباحثين من الجانبين.
البحث العلمي والتكنولوجيا في صدارة الأولويات
ناقش الجانبان آفاق تعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا وفتح المجال أمام الأساتذة والطلاب السودانيين للاستفادة من بنك المعرفة المصري الذي يعد واحداً من أهم المشروعات القومية لدعم البحث العلمي وإتاحة مصادر معرفية دولية على أعلى مستوى. وتم طرح مقترحات عملية لإقامة الملتقى الثاني للجامعات المصرية والسودانية وتنظيم ملتقيات دورية للطلاب السودانيين الدارسين في مصر لزيادة التواصل والتكامل بين الجانبين.
درجات علمية مزدوجة وآفاق جديدة
من بين الموضوعات المطروحة أيضاً دراسة إمكانية تقديم درجات علمية مزدوجة من خلال شراكات بين الجامعات المصرية والسودانية وهو ما سيعزز من الاعتراف الدولي بالشهادات الممنوحة ويوفر فرصاً تنافسية أكبر للطلاب في سوق العمل. كما يعكس هذا المقترح رؤية جديدة تقوم على التكامل وليس التنافس بين الجامعات في البلدين.
إشادة سودانية بالتجربة المصرية
الوزير السوداني أشاد من جانبه بالتطور الكبير الذي تشهده مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي سواء على مستوى البنية التحتية الجامعية أو البحث العلمي أو دعم التحول الرقمي مشيراً إلى أن هذه التجربة تمثل نموذجاً يحتذى به يمكن للسودان الاستفادة منه في تطوير منظومة التعليم العالي. وقدم شكره لمصر حكومة وشعباً على الدعم المتواصل والرعاية التي يحظى بها الطلاب السودانيون مؤكداً أن العلاقات بين البلدين أعمق من مجرد تعاون أكاديمي بل هي علاقات تاريخية واستراتيجية تستند إلى روابط الدم والجغرافيا والمصير المشترك.
علاقات ممتدة وجامعات تحتضن الطلاب
ولم يكن هذا اللقاء الأول من نوعه، فقد سبق أن عقدت لقاءات مماثلة بين وزارتي التعليم العالي في مصر والسودان نتج عنها برامج تنفيذية للتعاون العلمي والثقافي، وتبادل الأساتذة والطلاب، إضافة إلى توفير منح دراسية موجهة للطلاب السودانيين. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الجامعات المصرية تستقبل آلاف الطلاب السودانيين سنوياً في مختلف التخصصات، الأمر الذي يجعل من مصر الوجهة التعليمية الأولى بالنسبة للطلاب السودانيين الراغبين في استكمال دراستهم خارج بلادهم.
تعاون علمي لمواجهة التحديات المشتركة
يحمل التعاون الحالي أبعاداً أوسع حيث يسعى البلدان إلى بناء شراكات مؤسسية مستدامة تتجاوز مجرد استقبال الطلاب لتشمل مجالات البحث العلمي المشترك ونقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات الأكاديمية في التخصصات الدقيقة مثل الطاقة المتجددة والهندسة الطبية والذكاء الاصطناعي والزراعة الحديثة، وهي مجالات تمثل تحديات مشتركة للبلدين وتفتح آفاقاً لنهضة علمية وصناعية متكاملة.
بنك المعرفة المصري فرصة للسودان
فتح المجال أمام الجامعات السودانية للاستفادة من بنك المعرفة المصري يعد خطوة نوعية، فهذا البنك يوفر ملايين المصادر البحثية من كبرى دور النشر العالمية ويتيح للباحثين السودانيين فرصة الوصول إلى أحدث ما توصل إليه العلم وهو ما من شأنه رفع كفاءة البحث العلمي في السودان وتوفير أدوات جديدة لدعم التنمية.
موقف إنساني قبل أن يكون تعليمياً
ولعل أبرز ما يميز اللقاء الأخير هو تزامنه مع الظروف الصعبة التي يمر بها السودان، ما يجعل لموقف مصر الداعم للطلاب السودانيين أهمية إنسانية بالغة إلى جانب أهميته التعليمية. فقد أكد الوزير المصري أن الطلاب السودانيين سيظلون محل رعاية واهتمام الدولة المصرية، وأن الجامعات ستظل أبوابها مفتوحة أمامهم لمواصلة تحصيلهم العلمي دون انقطاع.
حضور رفيع المستوى يعكس الجدية
الحضور الرفيع المستوى للاجتماع يعكس بدوره جدية التوجه نحو تفعيل التعاون، فقد شارك الدكتور مصطفى رفعت أمين عام المجلس الأعلى للجامعات، والدكتور أيمن فريد مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل، إضافة إلى عدد من القيادات البارزة بوزارة التعليم العالي المصرية.
مشروعات بحثية مشتركة لخدمة التنمية
النقاش لم يقتصر على شؤون الطلاب فقط بل تطرق إلى ملفات أوسع تتعلق بالتعاون في مجال البحث العلمي المشترك بين المراكز البحثية في البلدين وإمكانية إنشاء مشروعات بحثية مشتركة بتمويل ثنائي أو بدعم من مؤسسات إقليمية ودولية، وهو ما من شأنه رفع مستوى الإنتاج العلمي وزيادة القدرة على مواجهة التحديات الإقليمية مثل الأمن الغذائي وتغير المناخ وإدارة الموارد المائية.
التعليم العالي ركيزة للشراكة الاستراتيجية
ويؤكد مراقبون أن اللقاء يمثل خطوة جديدة في مسار طويل من التعاون العلمي والثقافي بين مصر والسودان، إذ لم تنقطع جسور التواصل بين الجامعات رغم التحديات السياسية أو الاقتصادية التي قد تواجه البلدين. فالمصالح المشتركة والرغبة في التنمية المستدامة تجعل من التعاون العلمي خياراً استراتيجياً لا غنى عنه.
مستقبل أفضل للطلاب السودانيين
تشير التقديرات إلى أن عدد الطلاب السودانيين الدارسين في الجامعات المصرية تجاوز عشرات الآلاف خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعكس حجم الترابط التعليمي ويؤكد أن الجامعات المصرية تمثل حاضنة طبيعية لهم. ومن شأن زيادة المنح الدراسية وتسهيل إجراءات القبول أن يعزز هذا الاتجاه ويفتح الباب أمام جيل جديد من الخريجين السودانيين المؤهلين على أيدي خبرات مصرية.
ملتقيات طلابية لتعزيز الروابط الشعبية
ولا يقتصر التعاون على الجوانب الأكاديمية فحسب، بل يمتد إلى بناء روابط اجتماعية وثقافية بين الشباب المصري والسوداني من خلال الملتقيات والأنشطة المشتركة، وهو ما يسهم في تعزيز العلاقات الشعبية ويكرس لفكرة المصير الواحد بين البلدين. وفي هذا السياق جاء اقتراح عقد الملتقى الثاني للجامعات المصرية والسودانية باعتباره منصة للتواصل بين الأكاديميين والطلاب ووضع خطط عملية لمشروعات مشتركة.
اتفاق على آليات تنفيذية واضحة
في ختام اللقاء اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق ووضع آليات تنفيذية محددة لتعزيز أطر التعاون بما يخدم التنمية البشرية ويحقق تطلعات الشعبين الشقيقين. كما اتفق الجانبان على تشكيل لجان متابعة مشتركة لضمان تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وتحويله إلى نتائج ملموسة.
مصر شريك موثوق للسودان
وبهذا تواصل مصر أداء دورها التاريخي في دعم السودان وتعزيز روابط الأخوة عبر التعليم والمعرفة، بينما يجد السودان في مصر شريكاً موثوقاً يمكن الاعتماد عليه في بناء مستقبل أفضل لشبابه، لتظل العلاقات بين البلدين نموذجاً للتعاون العربي الأفريقي في مجال التعليم العالي والبحث العلمي.





