shadatamer
كتب:خالد تامر
في إطار التعاون المستمر بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر وقطاع الإعلام الداخلي بـ الهيئة العامة للاستعلامات، نُظمت بمحافظة السويس ندوة جماهيرية موسعة للتوعية بسلوكيات التعامل مع مرفق السكك الحديدية، وذلك بحضور عدد من القيادات الإعلامية والمحلية، وممثلين عن وزارة الأوقاف والكنيسة والاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية، إلى جانب مشاركة واسعة من المواطنين من مختلف الفئات العمرية.
تهدف الندوة إلى نشر الوعي المجتمعي بأهمية مرفق السكك الحديدية بوصفه واحدًا من أهم المرافق القومية الحيوية في مصر، والذي يخدم ملايين الركاب يوميًا على امتداد خطوطه، ويُعد أحد الأعمدة الأساسية لشبكة النقل والمواصلات.
السكك الحديدية.. شريان حياة
خلال الندوة، أشار مسؤولو الهيئة إلى أن السكك الحديدية ليست مجرد وسيلة نقل، بل هي شريان حياة يربط بين المدن والمحافظات، ويُسهل حركة المواطنين والبضائع على حد سواء. وأوضحوا أن الدولة المصرية أولت اهتمامًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة بتطوير هذا المرفق العريق عبر خطط طموحة لتحديث البنية التحتية، وإدخال نظم إشارات حديثة، وتطوير أسطول القطارات والعربات، بما يواكب المعايير الدولية في مجالات الأمان والجودة.
ولفت المشاركون إلى أن هذه الاستثمارات الضخمة التي تضخها الدولة في قطاع السكك الحديدية لن تحقق أهدافها المرجوة إلا بتوافر وعي مجتمعي يدرك قيمة المرفق ويحافظ عليه. فالتنمية لا تكتمل فقط بالإنفاق على المشروعات، وإنما أيضًا بتغيير سلوكيات الأفراد وتعزيز الشعور بالمسؤولية المشتركة.
السلوكيات السلبية.. تهديد مباشر للأرواح والمرافق
استعرضت الندوة أبرز السلوكيات السلبية المنتشرة بين بعض المواطنين في التعامل مع مرفق السكك الحديدية، مؤكدين أنها لا تشكل خطرًا على حياة الأفراد فقط، بل تُعرض المرفق نفسه لأضرار جسيمة وتكاليف إضافية على الدولة.
من بين هذه السلوكيات:
- اقتحام المزلقانات أثناء غلقها: وهي ممارسة شديدة الخطورة قد تؤدي إلى حوادث مميتة، حيث يُصر بعض الأفراد على العبور رغم إشارات التحذير.
- إنشاء معابر غير قانونية على شريط السكة الحديد: وهو تصرف يعرض حياة مستخدمي هذه المعابر للخطر، ويعطل حركة القطارات.
- إلقاء القمامة على القضبان: ما يؤدي إلى انسداد مجاري تصريف المياه أو إعاقة حركة القطارات.
- ركوب القطارات في أماكن غير مخصصة مثل التسطيح أو بين فواصل العربات: وهي ممارسات شائعة بين بعض الفئات الشبابية وتؤدي غالبًا إلى حوادث مؤسفة.
- قذف القطارات بالحجارة من قبل الأطفال أو الشباب: وهي ظاهرة متكررة تسبب إصابات للركاب وإتلاف زجاج العربات.
وأكد الحضور أن هذه الممارسات تتنافى مع القيم الدينية والحضارية، وتعكس غياب الوعي بخطورة ما قد يترتب عليها من كوارث إنسانية وخسائر اقتصادية.
دور المؤسسات الدينية والمجتمعية
شهدت الندوة مشاركة ممثلين عن وزارة الأوقاف والكنيسة المصرية، حيث أجمعوا على أن الأديان السماوية جميعها دعت إلى الحفاظ على المال العام وحماية النفس البشرية، وأن الاعتداء على المرافق العامة أو تعريض حياة الآخرين للخطر يُعد سلوكًا محرمًا دينيًا ومرفوضًا أخلاقيًا.
وأكد ممثل الأوقاف أن خطب الجمعة والدروس الدينية ستواصل التركيز على أهمية الوعي المجتمعي والحفاظ على المرافق العامة، في حين شدد ممثل الكنيسة على أن دور الأسرة والمدرسة لا يقل أهمية عن دور المؤسسات الدينية في ترسيخ قيم الانضباط والمسؤولية.
أما ممثل الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية فأكد أن منظمات المجتمع المدني شريك أساسي في دعم جهود الدولة، من خلال حملات توعية على مستوى القرى والمدن، واستهداف الفئات الأكثر عرضة لممارسة هذه السلوكيات.
جهود الدولة في التوعية والتطوير
أوضح مسؤولو سكك حديد مصر أن الهيئة تنفذ منذ سنوات برامج توعية شاملة عبر وسائل الإعلام، والمدارس، والمبادرات المجتمعية، بهدف تغيير الصورة الذهنية والسلوكيات الخاطئة في التعامل مع القطارات.
وأشاروا إلى أن هذه الجهود تسير بالتوازي مع مشروعات التطوير الكبرى التي تشهدها السكك الحديدية، ومنها:
- تحديث نظم الإشارات الإلكترونية لزيادة عوامل الأمان.
- إدخال عربات جديدة مكيّفة وحديثة لخدمة الركاب.
- تطوير المحطات والمزلقانات.
- التوسع في مشروعات القطار الكهربائي والمونوريل لربط المدن الجديدة.
وأضافوا أن الدولة لا تدخر جهدًا في تحسين الخدمة، غير أن الحفاظ على هذه المكتسبات يحتاج إلى شراكة حقيقية مع المواطن.
المواطن شريك أساسي في التنمية
أكد المشاركون أن المواطن ليس مجرد مستخدم لمرفق السكك الحديدية، بل هو شريك أساسي في عملية التنمية. فالتزامه بالسلوكيات الصحيحة يسهم في تقليل الحوادث، وتخفيف الأعباء على الدولة، ورفع كفاءة التشغيل.
ودعا المسؤولون المواطنين إلى التعاون الإيجابي مع العاملين بالهيئة، والإبلاغ عن أي ممارسات سلبية، والالتزام بالقواعد المنظمة لركوب القطارات، بما يضمن توفير خدمة آمنة وسريعة للجميع.
رؤية متكاملة للمستقبل
خلصت الندوة إلى أن التحديات التي تواجه مرفق السكك الحديدية لا تقتصر على الجانب الفني أو المالي فقط، وإنما تمتد إلى البُعد الثقافي والسلوكي. وبالتالي، فإن مواجهة هذه التحديات تتطلب:
- استمرار حملات التوعية الموجهة لمختلف الفئات العمرية.
- دمج مفاهيم السلامة المرورية في المناهج التعليمية لتنشئة أجيال أكثر وعيًا.
- تشديد العقوبات القانونية على المخالفات التي تهدد حياة المواطنين.
- إشراك الجمعيات الأهلية والشباب في مبادرات ميدانية لتعزيز ثقافة الانضباط.
- تطوير البنية التحتية الذكية للمزلقانات والمعابر باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
كلمة ختامية
أكدت الهيئة القومية لسكك حديد مصر أن الحفاظ على هذا المرفق الحيوي هو مسؤولية وطنية مشتركة، وأن الدولة ماضية في خططها لتطوير وتحديث السكك الحديدية بما يليق بمكانة مصر وتاريخها، لكن نجاح هذه الجهود مرهون بوعي المواطن وتعاونه.
وقد أعرب الحضور عن تفاؤلهم بأن مثل هذه الندوات ستسهم في رفع مستوى الوعي، وتحقيق نقلة نوعية في سلوكيات التعامل مع القطارات، بما يحمي الأرواح، ويحافظ على الاستثمارات، ويدعم مسيرة التنمية المستدامة التي تتبناها الدولة المصرية.
