افتتاح المدرسة المصرية – اليابانية بمنيا القمح: خطوة جديدة في مسيرة التعاون التعليمي بين مصر واليابان

كتب:خالد تامر

افتتاح رسمي بحضور رفيع المستوى

شهدت مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية يوم 9 سبتمبر 2025 حدثًا مميزًا تمثل في افتتاح المدرسة المصرية – اليابانية (EJS Minya Al-Qamh). وقد حضر حفل الافتتاح كل من السيد تسوكاموتو، الوزير المفوض بسفارة اليابان بالقاهرة، إلى جانب محافظ الشرقية، وعدد من قيادات التربية والتعليم بالمحافظة.
وخلال مراسم الافتتاح، قام الحضور بجولة داخل المدرسة شملت الفصول الدراسية والمعامل والمكتبة والملاعب والمسرح، حيث استمعوا لشرح تفصيلي حول إمكانيات المدرسة الجديدة وما توفره من بيئة تعليمية متكاملة للطلاب.

تفقد المرافق والتفاعل مع المعلمين

خلال الافتتاح، تبادل المسؤولون والضيوف الحوارات مع المعلمين والإداريين بالمدرسة، واطلعوا على آلية تطبيق أنشطة التوكاتسو، وهو أسلوب التعليم الياباني الذي يركز على بناء شخصية الطالب وصقل مهاراته الاجتماعية والعملية.
كما تابع الحضور عددًا من العروض الفنية والرياضية التي قدمها الأطفال، والتي جسدت روح النظام التعليمي الياباني القائم على الانضباط والعمل الجماعي والإبداع.

خطة التوسع في المدارس المصرية – اليابانية

أعلنت وزارة التربية والتعليم أن افتتاح مدرسة منيا القمح يأتي ضمن خطة الدولة للتوسع في مشروع المدارس المصرية – اليابانية (EJS)، إذ من المقرر افتتاح 14 مدرسة جديدة خلال خريف هذا العام، ليصل بذلك العدد الإجمالي إلى 69 مدرسة موزعة على مختلف المحافظات.
وتؤكد الوزارة أن الهدف من هذا التوسع هو إتاحة فرص أكبر للطلاب للاستفادة من النموذج الياباني في التعليم، الذي أثبت نجاحه في التجربة المصرية منذ انطلاقه عام 2018.

الدعم الياباني المتواصل للمشروع

منذ بداية التعاون المصري – الياباني في مجال التعليم، لعبت الحكومة اليابانية دورًا محوريًا في إنجاح المشروع. فقدمت دعمًا ماليًا وفنيًا شمل المساهمة في بناء المدارس، وإيفاد الخبراء والمتخصصين في التربية، فضلًا عن تنظيم دورات تدريبية للمعلمين المصريين سواء داخل مصر أو في اليابان.
ويأتي هذا الدعم في إطار الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وطوكيو، والتي تقوم على تبادل الخبرات والاستفادة من التجربة اليابانية في تطوير التعليم الأساسي.

التوكاتسو: قلب التجربة التعليمية اليابانية

أحد أبرز مظاهر التعاون بين مصر واليابان يتمثل في إدخال أنشطة التوكاتسو داخل المدارس المصرية – اليابانية. ويعتمد هذا النظام على إشراك الطلاب في أنشطة يومية تهدف إلى بناء الشخصية وتنمية القيم والمهارات مثل:

• العمل الجماعي.
• احترام النظام والانضباط.
• المشاركة المجتمعية.
• تنمية الإبداع والاستقلالية.

وبفضل نجاح هذا النموذج، لم يعد التوكاتسو مقصورًا على المدارس المصرية – اليابانية فحسب، بل بدأ تعميمه تدريجيًا في بعض المدارس الحكومية والعامة.

استفادة مئات الآلاف من الطلاب

تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد الطلاب المستفيدين من نظام التوكاتسو حتى أبريل الماضي بلغ نحو 750 ألف طالب، وهو ما يعكس مدى توسع التجربة وتأثيرها الإيجابي على المجتمع التعليمي المصري.
وقد ساعدت هذه التجربة في تحسين سلوكيات الطلاب وتنمية قدرتهم على التعاون والتواصل، بما ينعكس على مستواهم الدراسي ومهاراتهم الحياتية.

تجربة تعليمية متكاملة

لا تقتصر مميزات المدارس المصرية – اليابانية على تطبيق التوكاتسو فقط، بل تشمل أيضًا:

• مناهج دراسية متوازنة تجمع بين المناهج المصرية الرسمية وبعض الأنشطة المستوحاة من النظام الياباني.
• مدرسون مدربون على أحدث طرق التدريس التي تراعي الفروق الفردية بين الطلاب.
• بيئة تعليمية حديثة من حيث البنية التحتية والتجهيزات المدرسية.
• أنشطة ثقافية وفنية ورياضية تهدف إلى صقل مهارات الطالب وإكسابهم الخبرات العملية.

شهادة أولياء الأمور والطلاب

يشيد العديد من أولياء الأمور بالمدارس المصرية – اليابانية، حيث يعتبرونها نموذجًا ناجحًا يجمع بين الانضباط الياباني وروح الانتماء المصرية. ويؤكدون أن أبناءهم اكتسبوا مهارات جديدة لم تكن متاحة في المدارس التقليدية، مثل إدارة الوقت والعمل ضمن فريق وحل المشكلات بطريقة إبداعية.

رؤية مستقبلية للتعاون المصري – الياباني

تؤكد الحكومة اليابانية أنها ستواصل دعم مشروع المدارس المصرية – اليابانية، ليس فقط من خلال بناء مدارس جديدة، بل أيضًا عبر:

• إيفاد المزيد من الخبراء اليابانيين إلى مصر.
• إجراء تدريبات مستمرة للمعلمين المصريين.
• تطوير المناهج بما يتماشى مع احتياجات المجتمع المصري.
• زيادة التبادل الثقافي بين الطلاب المصريين واليابانيين لتعزيز الفهم المشترك.

مصر واليابان: شراكة استراتيجية في التعليم

لا شك أن التعاون بين مصر واليابان في مجال التعليم يعكس قوة العلاقات الثنائية بين البلدين. فهذا المشروع يُعد أحد أبرز ثمار الزيارات المتبادلة بين القيادات المصرية واليابانية خلال السنوات الماضية، والتي وضعت التعليم في صدارة مجالات التعاون.
وتأمل القاهرة أن يسهم هذا التعاون في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 التي تركز على تطوير التعليم باعتباره حجر الأساس للتنمية المستدامة.

تأثير التجربة على المنظومة التعليمية المصرية

من المتوقع أن يسهم التوسع في المدارس المصرية – اليابانية في رفع مستوى التعليم الأساسي في مصر، وذلك من خلال:

• نشر ثقافة الانضباط والتنظيم بين الطلاب.
• تحسين جودة التعليم الحكومي عبر إدخال التوكاتسو في المدارس العامة.
• تطوير مهارات المعلمين من خلال التدريب المستمر.
• تحفيز المنافسة الإيجابية بين المدارس المختلفة لتقديم أفضل خدمة تعليمية.

مستقبل واعد للمدارس المصرية – اليابانية

مع افتتاح مدرسة منيا القمح، والتوسع المرتقب في افتتاح مدارس جديدة، تزداد التوقعات بمزيد من النجاح لهذا المشروع. فعدد المدارس مرشح للزيادة مستقبلًا بما يلبي احتياجات المحافظات المختلفة، ويعزز انتشار النموذج الياباني في أوسع نطاق.
وتؤكد التجربة أن هذا النموذج ليس مجرد مشروع تعليمي، بل هو استثمار طويل الأمد في بناء الإنسان المصري وإعداده لمواكبة متطلبات العصر.